خيانة عائلية

Description

Script Vidéo

فِي أَطْرَافِ مَدِينَةٍ هَادِئَة، عَاشَ "قَاسِمٌ" وَزَوْجَتُهُ "رَحْمَة"، سَنَوَاتٍ مِنَ الْكِفَاحِ وَالرِّضَا، بَنَوَا خِلَالَهَا مَنْزِلًا مُتَوَاضِعًا وَادَّخَرُوا أَمْوَلًا كَثيرة، بِالْإِضَافَةِ إِلَى امْتِلَاكِ "قَاسِمٍ" لِعَشَرَةِ هِكْتَارَاتٍ وَرِثَهَا عَنْ أَبِيهِ. رَغْمَ هَذِهِ الْمَوَارِدِ، فَضَّلَ الزَّوْجَانِ عَيْشَ حَيَاةٍ بَسِيطَةٍ وَمُتَوَاضِعَةٍ، قَانِعَيْنِ بِمَا رَزَقَهُمَا اللهُ.
لَكِنَّ حَيَاتَهُمَا الْهَادِئَةَ بَدَأَتْ تَتَغَيَّرُ بِوُصُولِ زَوْجَةِ ابْنِهِمَا "عَادِلٍ"، الْمَدْعُوَّةِ "لَيْلَى". كَانَتْ "لَيْلَى" امْرَأَةً طَمُوحَةً وَجَشِعَةً، تَنْظُرُ إِلَى مُمْتَلَكَاتِ "قَاسِمٍ" وَأَمْوَالِهِ عَلَى أَنَّهَا حَقٌّ مُكْتَسَبٌ لِزَوْجِهَا عَاجِلًا أَمْ آجِلًا. لَمْ تَكُنْ "لَيْلَى" تُخْفِي اسْتِيَاءَهَا مِنْ بَسَاطَةِ حَيَاةِ حَمَوَيْهَا، وَكَانَتْ دَائِمًا مَا تُحَرِّضُ "عَادِلًا" عَلَيْهِمَا، مُؤَكِّدَةً لَهُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ تُرْجَى مِنْهُمَا وَأَنَّهُمَا يُعِيقَانِ تَقَدُّمَهُ فِي الْحَيَاةِ.
كَانَتْ "لَيْلَى" تَتَعَمَّدُ إِهَانَةَ "قَاسِمٍ" وَ "رَحْمَةَ" بِأَقْوَالٍ جَارِحَةٍ وَنَظَرَاتٍ حَادَّةٍ، وَتُعَامِلُهُمَا بِقَسْوَةٍ بَالِغَةٍ. كَانَتْ تَرَى فِيهِمَا عِبْئًا يَجِبُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ فِي أَقْرَبِ وَقْتٍ. عِنْدَمَا كَانَ "عَادِلٌ" يَعُودُ إِلَى الْمَنْزِلِ، كَانَ "قَاسِمٌ" وَ "رَحْمَةُ" يُحَاوِلَانِ أَنْ يَشْتَكِيَا لَهُ مِنْ تَصَرُّفَاتِ زَوْجَتِهِمَا، لَكِنَّ "عَادِلًا" كَانَ دَائِمًا يَقِفُ فِي صَفِّ "لَيْلَى"، بَلْ كَانَ يَتَّهِمُ وَالِدَيْهِ بِالْمُبَالَغَةِ وَعَدَمِ تَقْدِيرِهَا.
لَمْ يَقْتَصِرِ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، فَمَعَ مُرُورِ الْوَقْتِ، بَدَأَ "عَادِلٌ" يَتَأَثَّرُ بِسُمُومِ "لَيْلَى" وَأَطْمَاعِهَا. بَدَأَ هُوَ الْآخَرُ يُسِيءُ إِلَى وَالِدَيْهِ، يَتَجَاهَلُ طَلَبَاتِهِمَا، بَلْ وَيَتَطَاوَلُ عَلَيْهِمَا بِالضَّرْبِ أَحْيَانًا، خَاصَّةً عِنْدَمَا يَكُونُ تَحْتَ تَأْثِيرِ الْخَمْرِ وَالْمُخَدِّرَاتِ الَّتِي كَانَ يَتَعَاطَاهَا بِشَرَاهَةٍ. كَانَ يَأْمُرُهُمَا بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَكَأَنَّهُمَا خَادِمَيْنِ فِي مَنْزِلِهِمَا، مُتَنَاسِيًا كُلَّ التَّضْحِيَاتِ الَّتِي قَدَّمَاهَا مِنْ أَجْلِهِ.
كَانَ "قَاسِمٌ" وَ "رَحْمَةُ" يَعِيشَانِ فِي خَوْفٍ وَحُزْنٍ عَمِيقَيْنِ. كَانَا يُشَاهِدَانِ ابْنَهُمَا الْوَحِيدَ يَتَحَوَّلُ إِلَى شَخْصٍ غَرِيبٍ وَقَاسٍ، وَيَتَأَلَّمَانِ مِنْ جُحُودِهِ وَجَفَاءِ زَوْجَتِهِ. لَمْ يَعُدِ الْمَنْزِلُ الَّذِي بَنَاهُ بِجُهْدِهِمَا مَكَانًا لِلرَّاحَةِ وَالْأَمَانِ، بَلْ أَصْبَحَ سَاحَةً لِلْعَذَابِ النَّفْسِيِّ وَالْجَسَدِيِّ.
حَاوَلَ الْأَهْلُ وَالْأَقَارِبُ التَّدَخُّلَ وَنَصِيحَةَ "عَادِلٍ" وَ "لَيْلَى"، لَكِنَّهُمَا كَانَا قَدْ أَغْلَقَا آذَانَهُمَا وَقُلُوبَهُمَا عَنْ أَيِّ صَوْتٍ لِلْعَقْلِ أَوِ الضَّمِيرِ. كَانَتْ "لَيْلَى" تَزْدَادُ إِلْحَاحًا عَلَى "عَادِلٍ" بِضَرُورَةِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى مُمْتَلَكَاتِ وَالِدَيْهِمَا، وَتَزْرَعُ فِي رَأْسِهِ فِكْرَةَ أَنَّهُمَا يَعِيشَانِ طَوِيلًا وَسَيَسْتَنْفِدَانِ أَمْوَالَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَرِثَ شَيْئًا.